سؤال محير : هل علة تشلسي بأبراموفيتش؟

هناك في عالم كرة القدم أسئلة نخشى ان نطرحها... أسئلة نتطلع الى تفاديها... لأن أجوبتها قد تكون مؤلمة أو ملغمة أو مخيفة... في هذه الفقرة سنفتح الباب على مجموعة من الهواجس لنتناقشها بتفصيل بسيط وقد نصل الى نتيجة تكون مرضية للجميع... مجرد محاولة لجعل الامور المحيرة تبدو بسيطة ومنطقية...

لا ينكر أحد أن نادي تشلسي اللندني أصبح القوة التي هو عليها اليوم بفضل مالكه الروسي رومان أبراموفيتش، الذي صرف عليه أكثر من 750 مليون جنيه، لينشله من الفئة الوسطية والمغمورة الى أحد قوى البريميرليغ واوروبا، لكنه في المقابل لم يثبت على مخطط أو استراتيجية واضحة، ان كان بتعيين المدربين او بتدخلاته في سوق انتقالات اللاعبين، وصولاً الى تخبط واضح حالياً دفع ثمنه المدرب البرتغالي الشاب أندريه فيلاش بواش... لتبرز الافكار ان علة تشلسي الحقيقية ليست بمدرب ولا بلاعبين، بل برئيس النادي رومان أبراموفيتش.

لولا أموال أبراموفيتش لما وصلت شعبية تشلسي الى هذا الحد!
هذا صحيح، ولو رحل أبراموفيتش اليوم سيعاني تشلسي وقد ينهار ويصبح مثل ليدز، لكن المشكلة ان المال ليس كل شيء في عالم كرة القدم، فان يدفع المالك أكثر من 72 مليون جنيه لتعويض 7 مدربين أقالهم في تسع سنوات، منهم ستة مدربين في السنوات الخمس الاخيرة، لا ينم عن حنكة وقدرة على ادارة ناد كروي، بل هذا تخبط ينم عن فقدان سياسة واضحة واستراتيجية، قصيرة او وسطية او بعيدة المدى، في ادارة النادي، ولهذا السبب سيبقى النادي يعاني كلما تصرف المالك بهذه الرعونة.

لكن بالتأكيد لديه مستشارون هم من يلامون!
أبراموفيتش يدير تشلسي بمفهوم زعماء العصابات، فهو لديه مستشارون كثر، بعضهم غير محسوبين على تشلسي، ويتغيرون بمرور الايام، وابرزهم ليس موظفاً في النادي، كمستشاره الشخصي وكشافه الخاص بييت دي فيزر الذي يقدم التقارير عن أبرز النجوم والمواهب من اللاعبين والمدربين ويلعب دوراً رئيسياً في وضع سياسة النادي في سوق الانتقالات... وهناك أيضاً مساعدوه اليوميون الذي يقومون بتنظيم أوقاته مثل مساعدته الشخصية مارينا غرانوفسكايا التي تتحكم بتحديد مواعيد اجتماعاته مع الوكلاء والمدربين ومستشاري اللعبة، بالاضافة الى المدير التقني في النادي مايكل ايمنالو الذي لعب دوراً كبيراً في أخذ قرار اقالة فيلاش بواش، وأيضاً المدير التنفيذي في النادي يوجين تينينبوم، وجميعهم لا يملكون خبرة كروية كبيرة أو خلفية تنم على معرفة واضحة باللعبة.

اذاً المشكلة في مستشاري أبراموفيتش وليس فيه هو شخصياً
على النقيض، المشكلة فيه لانه يأخذ القرارات بناء على توصيات من دون المام واضح بمجريات الاحداث اليومية، فمثلاً عندما يقرر شراء لاعبين من دون علم المدرب او استشارته، فهو عزل العنصر الاهم في معادلة صفقة الانتقال وأيضاً عزل عنصر الخبرة والمعرفة الكروية، وتكون النتيجة بالتالي 30 مليون جنيه طارت على اندريه تشيفشنكو و50 مليوناً على فيرناندو توريس و13 مليوناً على لومانو لوكاكو، وهو لم يتعلم بعد كل صفقة ان هذه المشورات كانت خائبة، بل المدرب يدفع الثمن عادة باقالته.

من سيعين أبراموفيتش خلفاً لفيلاش بواش؟
للأسف، أصبحت وظيفة مدرب تشلسي غير مرغوبة لدى أبرز المدربين في العالم، فالنادي أصبح مقبرة المدربين، بسبب قلة صبر المالك وعدم وجود رؤية واضحة ولا تحكم كامل من المدرب بالشؤون الكروية، فما الحكمة من اقالة كلاوديو رانييري بعد ابداعه في بناء الفريق في 2003، والذي ما زال أساسه هو العمود الفقري اليوم بعد مرور تسع سنوات، مثلما لا نعرف الحكمة من اقالة أفضل مدربي العالم البرتغالي جوزيه مورينيو فجأة وتعيين اسرائيلي مغمور من بعده، ولا في تعيين مدرب عالمي مثل سكولاري او هيدينك وأنشيلوتي والتفريط بهم لأسباب واهية وغير مفهومة، فالمدرب المقبل لتشلسي سيكون حذراً وشرساً في مفاوضاته مع ادارة النادي، ولن تكون الاغراءات المادية كافية لاقناعه في قبول الوظيفة خصوصاً في ظل وجود مجموعة قوية من اللاعبين صاحبة نفوذ غير عادي.

لكن لا شك ان أسماء كبيرة ترغب في هذه الوظيفة؟
بالتأكيد، لكن مثلما ذكرت بشروط، وطبعاً أبرز الاسماء التي طرحت مؤخراً مدرب برشلونة بيب غوارديولا، والبعض يراهن على عودة مدرب الريال مورينيو الذي شوهد في لندن الاسبوع الماضي، وأيضاً من الأسماء الكبيرة مدرب المنتخب الانكليزي المستقيل فابيو كابيلو الذي يعشق الحياة اللندنية، ومدرب ليفربول والانتر السابق رافا بنيتيز الذي ما زال يعيش في انكلترا.

الخلاصة: فقدت وظيفة مدرب تشلسي رونقها في السنوات الاخيرة، وعلى أبراموفيتش ان يتعلم ان يترك الخبز لخبازه وان يرسم سياسة واضحة المعالم واستراتيجية مفهومة لأي مدرب مقبل.